1- تعريف الشرطة الادارية.
لتحديد مفهوم الشرطة الادارية من الناحية الفقهية سوف نستعرض ثلاثة اراء فقهية التالية:
- الاستاذ محمد سليمان الطنطاوي: يعرف الشرطة الادارية بانها: حق الادارة في ان تفرض قيودا على حريات الافارد من اجل الحفاظ على النظام العام.
- الفقيه الفرنسي اندريه دولوبادير Andre De laubader يعرف الشرطة الادارية بانها: شكل من التدخل تمارسه بعض السلطات الادارية لفرض قيود على حريات الافراد حفاظا على النظام العام.
- الفقيه ميشيل روسي يعرف الشرطة الادارية بانها: مجموع اعمال الادارة التي تهدف الى الحفاظ على النظام العام عن طريق تنظيم انشطة الافراد.
وتجدر الاشارة الى ان هناك من يفضل استعمال لفظ الضابطة الادارية بدلا من كلمة الشرطة الادارية، لكن يبقى لفظ الشرطة الادارية عي الاكثر استعمال في الواقع.
وبناء علىه يمكن القول ان الشرطة الادارية أو الضابطة الادارية هي:
مجموع الاعمال الادارية الهادفة الى تحقيق المحافظة على النظام العام وذلك بتقنين اعمال الادارة.
2- اهداف الشرطة الادارية:
تهدف الشرطة الادارية الى المحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاثة وهي: الامن العام - السكينة العامة - الصحة العامة.
3- مدى سلطة الشرطة الادارية:
يشمل مفهوم النظام العام ثلاث معطيات اساسية وهي: الامن والطمانينة والصحة العامة. كالتالي:
- الامن العام: ويشمل شرطة الوقاية ضد الماسي والكوارث مثل الجراد والزلازل.
- الطمأنينة او السكينة العامة: تهدف شرطتها الى المحافظة على النظام في الطرقات والمحلات العمومية ومقاومة الضجيج وخاصة بالليل..
- الصحة العانة: تسعى شرطة الصحة العامة أو النظافة العامة الى انقاذ الصحة العامة من الاوبئة والامراض المعدية...
4- انواع الشرطة الادارية:
- الشرطة العامة:
تبقى ممارسة سلطة الشرطة الادارية من طرف الهيئات التنفيذية المختصة التي تتمتع في هذا الصدد بصلاحيات كبيرة لاتخاذ المبادرات، لكن يتعين على تدابير الشرطة أن لا تتناقض ابدا مع القانون وكذا النصوص الموضوعة من طرف السلطات العليا. ويمنع المس بالحريات العامة الاساسية المحمية من طرف الدستور والقانون مثل: حرية السكن، وحرية التجول...
ويلزم حتما الاقتصار على التحديدات الضرورية التي يفرضها النظام أو الامن بالنسبة للحريات الاخرى.
ومن جهة اخرى فانه يجب ان لا تستعمل سلطات الشرطة لغير الغايات التي خولت من أجلها، وذلك مثل تسهيل مهمة مرفق عام.
- الشرطة الخاصة:
هناك نصوص متعددة انشأت ضوابط لتقنين استعمال عدد من الحريات، لان المبالغة في استعمال هذه الحريات يعرض الى الفوضى أو الى الخاق الضرر بالمواطنين.
ومن بين أهم الضوابط الخاصة نقتصر على الاشارة الى ضابطة السير وضابطة التجمعات العمومية، والنظافة والصحة العامة، وشرطة المؤسسات المصنفة... الخ.
5- هيئات الشرطة الادارية:
تتمتع الهيئات المحلية كذلك بسلطة الشرطة الادارية مثل العامل بالنسبة للاقليم والعمالة، رئيس الدائرة، رئيس المجلس الجماعي في الجماعات الترابية.
بالنسبة للعامل يجب التمييز بين اعمال ضابطة الدولة واعمال الضابطة المحلية.
وعلى مستوى الجماعات المحلية يقتسم سلطات الضابطة او الشرطة الادارية كل من ممثل السلة المحلية (الباشا والقائد) ورئيس المجلس الجماعي.
6- سلطات الشرطة الادارية:
- سلطات الشرطة الادارية لرئيس الحكومة:
مبدئيا ان رئيس الحكومة هو الذي يتمتع بسلطة الشرطة الادارية على مجموع التراب الوطني، ما عدا في حالة الظروف الاستثنائية حيث يمارس الملك أو رئيس الدولة السلطات الخاصة التي يخولها له الدستور.
لكن هذه الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحكومة قد تتعارض مع الدور المنوط ببعض الوزراء في الشرطة الخاصة.
وتجدر الاشارة الى ان هناك هيئات متمتعة بالاختصاص والصلاحية لاتخاذ القرارات في مسائل الشرطة الادارية، حيث يجب ان لا نخلط بينها وبين رجال السلطة القضائية والعسكرية الذين يبقون مجرد اجهزة للتنفيذ.
- سلطات الشرطة الادارية لرئيس المجلس الجماعي:
يلاحظ أن رئيس المجلس الجماعي قد تسلم السلطات التي كانت مخولة للباشا والقائد في ميدان الشرطة الادارية منذ اصلاح 1976 لمدونة الميثاق الجماعي بالمغرب.
ويمارس الرئيس سلطته باتخاذ قرارات تنظيمية وتدابير شخصية.
ويمكنه ان ينفذ بقوة القانون وعلى حساب المعنيين كل تدبير من شانه المحافظة على النظام العام، وله الحق في طلب استعمال القوة العمومية لتحقيق اخترام قرارته وتدابيره وذلك من السلطة المحلية.
- السلطات المخولة للسلطة المحلية:
لا تتدخل السلطة المحلية في شؤون الافراد الا لتجنب الاخلال بالنظام العام، وتقتصر مهمتها غلى العمل على مراقبة عامة لما يحفظ طمأنينة الافراد والامن والصحة العامة، وبهذا تكون السلطات المسلمة الى رئيس المجلس الجماعي مهمة للغاية.
وحسب المادة 44 من ظهير 1976 يبقى القائد والباشا مختصا في الميادين الاتية:
- الحريات العامة: حق الجمعيات والتجمعات العمومية، الصحافة، الانتخابات، جوازات السفر، حجز الاشخاص والاموال.
- الاسلحة ومفرقعات القنص.
- الاقتصاد، المهن الحرة، مراقبة الاسعار، النزاعات الاجتماعية.
- النظافة والصحة العامة مثل الامراض العقلية والمشروبات الكحولية.
- العدل والحرب فيما يتعلق بمحاكم قضاء القرب، الخدمة العسكرية الاجبارية، التنظيم العام للبلاد وقت الحرب أو الاوبئة أو الكوارث.
7- حالات تشديد سلطة الشرطة الادارية:
بالرغم من تعددها وتنوعها فان سلطات الشرطة الادارية تخضع لتحديد دقيق من طرف تشريع يهتم اساسا باعطاء اكبر حماية لحريات الافراد ولوكان يعطي للسلطة حقها، وبهذا تكون سلطات الشرطة الادارية غير كافية لتسمح للمسؤولين عن التنظيم العام بمواجهة الظروف الاستثنائية مثل اندلاع الحرب او وجود ثورة عارمة.
وفي هذه الحالة تشتد انطمة الشرطة الادارية وهو ما يكون عادة في حالتي الحصار والاستعجال.
- حالة الحصار:
تبرر حالة الحصار بالخطر المحدق بالوطن وتقرر في مجلس الوزراء بالنسبة لمجموع التراب الوطني أو جزئه.
ومن اثارها أنها تعوض السلطات الادارية بسلطات عسكرية لممارسة مهام الشرطة الادارية واعطائها الوسائل القانونية الكفيلة بتحقيق مهمتها، كما يلي:
تتسلم الهيئات العسكرية السلطات المخولة عادة للسلطات المدنية، وتصبح المحاكم العسكرية مختصة لمحاكمة المدنيين الذين يقترفون الجرائم العادية والذين كانوا يخضعون عادة الى المحاكم العادية.
وتتسلم بالاضافة الى ذلك سلطات استثنائية حيث يحق لها:
- التفتيش بالنهار وبالليل في مساكن المواطنين.
- ابعاد ذوي السوابق القضائية والاشخاص الذين لا مسكن لهم عن نطاق حالة الحصار.
- الامر بتسليم الاسلحة والمعدات الحربية والبحث عنها وأخذها.
- منع النشرات والتجمعات التي من طبيعتها اثارة أو تمديد الفوضى.
- حالة الاستعجال:
تهدف حالة الاستعجال الى تقوية نفوذ السلطات المدنية، وتقرر في مجلس الوزراء، وتكون من جراء مس خطير بالنظام العام أو حدوث خطر مأساوي... وهي اما شاملة لكل التراب الوطني أو مقصورة على جزء منه.
ويمكن للسلطات المدنية وفي كل الحالات من:
- تقنين استقرار وسير الاشخاص.
- فرض الاقامة الاجبارية على الاشخاص الحطيرين حفظا للامن العام.
- منع التجمعات واقفال قاعات الفرجة.
وفي بعض الحالات اذا سمح القانون المقرر لحالة الاستعجال صراحة يمكن:
- تفتيش المنازل نهارا وليلا.
- فرض الرقابة على النشرات.
ويحدد القانون المقرر لحالة الاستعجال الاطار الترابي الذي تطبق فيه حالة الاستعجال.
- حالة الاستثناء:
يجب اضافة حالة الاستثناء أو حالة الازمات الى الحالتين السابقتين، اذ تتشدد فيها سلطات الشرطة الادارية.
وتجد حالة الاستثناء اساسها في الدستور الذي يقر نظاما خاصا في فترة الازمة ويحدد شروط تطبيقها والسلطة المخولة بمقتضاها الى رئيس الدولة.
8- وسائل الشرطة الادارية:
- التنظيم:
بما أن السلطة المكلفة بالشرطة تستطيع اتخاذ ندابير تنظيمية فهي تستطيع ان تفرض على كل المواطنين عددا من القواعد الخاصة التي من شأنها ان تحد من حريات كل فرد أو تمارس الشرطة الادارية عن طريق تدابير شرطة فردية خاصة.
- التدبير الشخصي:
يمكن لسلطة الشرطة الادارية أن تطبق التنظيم العام وذلك بتدابير شخصية مثل اعطاء رخص أو رفضها أو منعها للمعنيين للقيام أو بعدم القيام بعدد من الاعمال.
- الاكراه:
ان تدابير الشرطة القضائية يمكن ان تستند الى عقوبات ادارية أو جنائية، وتتجلى العقوبات الجنائية في اداء الدعائر أو الحبس أو عقوبات خاصة...
ونجد العقويات الادارية في المسائل الاقتصادية غالبا وهي تشبه العقوبات الجنائية، لكنها تقرر وتنفذ من طرف سلطة الشرطة الادارية نفسها.
ويمكن للشرطة الادارية ان تستعمل الاكراه والقوة العمومية لتجنب الفوضى.
ويخضع مبدأ التنفيذ بالاكراه أو القوة الى تقنين دقيق.
ويمكن لسلطة الشرطة الادارية أن تستعمل وسيلة التنفيذ بقوة القانون وذلك على حساب ومسؤولية المعني بالامر، لكن التنفيذ بالقوة يجب أن يرتكز دائما على نص تشريعي.
9- مصالح الشرطة الادارية:
يضع القانون رهن اشارة السلطات المكلفة بالشرطة الادارية مصالح مختصة لتتمكن من القيام بمهامها، وتشمل المصالح المذكورة ما يلي:
- مصالح شرطة الدولة:
وتشمل ما يلي:
موظفين مدنيين موزعين في المغرب على اربعة مصالح مختصة وهي: الشرطة القضائية والامن الوطني والمخابرات العامة وامن التراب الوطني.
الشرطة القضائية تبحث عن المجرمين لحساب السلطة القضائية.
مصالح الامن الوطني تتكلف بمهمة الشرطة الادارية.
المخابرات العامة تتكلف اساسا بمهمة الاستعلامات أو الاعلامات.
امن التراب الوطني يقوم بمهام محاربة الجاسوسية مع مصالح اخرى مدنية وعسكرية..
- عناصر بالزي الرسمي من الحرس وموظفي الامن الموزعين بين هيئة حضرية مستقرة في الجماعات الترابية ووحدات متحركة، ويقع على عاتق هذه الشرطة أمن الطرق والمحلات العمومية، وتخضع لمصلحة الامن الوطني.
وتدير وزارة الداخلية هيئة الشرطة حيث في اطارها توجد المديرية العامة للامن الوطني.
- مصالح عسكرية:
تتكون هذه المصالح بالمغرب من الهيئات العسكرية والدرك الملكي، وهذه الاخيرة تنقسم الى وحدات وفرق موزعة على مجموع التراب الوطني.
بالاضافة الى مهامها العسكرية المحضة، تبقى هيئة الدرك رهن اشارات السلطات الادارية من اجل ضبط الامن في البادية وفي الطرقات العامة، كما يمكن تسحيرها من طرف وزير الداخلية أو العامل للابقاء على النظام.
اما الوحدات العسكرية الخاصة بالدفاع الوطني فلا تتكلف مبدئيا بمهام الشرطة الادارية الا في حالة الحصار، لكن في الظروف الاستثنائية الشديدة الخطورة يمكن ان تتدخل لحفظ التظام العام.
- مصالح اخرى:
هناك اخيرا مصالح اخرى لا تنتمي للجيش والشرطة، لكنها تشارك في ممارسة بعض مهام الشرطة الادارية مثل: نفتيش المؤسسات المصنفة، مصالح المياه والغابات فيما يخص شرطة الصيد والقنص، رجال السلطة المحلية من الوالي والعامل والباشا والقائد، رؤساء الجماعات الترابية.
ومن الانسب التاكيد على ان السلطة التي تشرف على مصلحة الشرطة الادارية ليست بالضرورة هي الهيئة الاعلى للمصلحة المعنية، وهكذا فان الدرك يتبع الى ادارة الدفاع الوطني ولكنه يعمل تحت اشراف الوكيل العام للملك أو وكيل الملك فيما يتعلق بالشرطة القضائية، وتحت اشراف العامل فيما يتعلق بالشرطة الادارية، واحيانا تحت اشراف رئيس المجلس الجماعي فيما يتعلق بالشرطة الادارية داخل المدينة.
10- تنازع الاختصاص:
في كثير من الاحيان يحدث التنازع حين تكون سلطات كنعددة مطالبة بممارسة سلطة الشرطة الادارية في وقت واحد، وفي نفس الاطار الترابي وعلى نفس الموضوع.
ويمكن ان يقع التنازع بين السلطات المكلفة بالشرطة الادارية العامة، حيث ان هذه الاخيرة تمارس من طرف سلطات متسلسلة وسلمية، وفي هذه الحالة تكون السلطة المحلية المكلفة بها ملزمة باحترام التقنين الصادر عن سلطة اعلى، غير انها تبقى مؤهلة لاتخاذ التدابير الضرورية لمطابقة ذلك التقنين حسب الظروف.
واذا كان التنازع من طرف هيئات من مستوى واحد فان الحل يجب ان يوجد في اطار تعاونها.
اما اذا وقع التنازع بين الشرطة الادارية العامة والخاصة فمن المنطقي أن تحترم الاولى، لان التدابير الخاصة يتعين أن تكمل أو تشدد الاولى.
11- مراقبة الشرطة الادارية:
تخضع ممارسة الشرطة الادارية الى مبدأ المشروعية وذلك مثل سائر الاعمال الادارية، وتتمتع هيئة الشرطة الادارية بسلطة تقييم نفعية تدبير الشرطة، لكن هذه السلطة محدودة جدا حين يتعلق التدبير بتحديد الحريات الاساسية المضمونة بالدساتير والقوانين.
حيث أنه من المبادئ الاساسية ان الحرية لا يمكن تحديدها الا اذا كانت ممارستها تشكل خطرا واضحا على النظام العام، بمعنى أخر ان تدبير الشرطة يجب ان يكون متناسبا مع التقدير الحقيقي أو المحتمل للنظام العام.
القاضي الاداري هو الوحيد الذي يتأكد من جميع عناصر تدابير الشرطة القضائية، حيث أن كل تدبير للشرطة الادارية لا يهدف الى حفظ النظام العام أو اعادته، يكون متصفا بتحريف النفوذ أي أنه يتصف بالشطط في استعمال السلطة، وبالتالي فهو قابل للابطال والالغاء.
مرحبا بك اخي الكريم، اذا اعجبتك هذه النماذج، فلا تبخل علينا برآيك وأترك بصمتك، باضافة التعليق أسفله، وشكرا.